لقد كان اول انطباع , واعمق انطباع في نفسي , وأنا استعرض امام ناظري شريط الاتصالات والزيارات ,والاحاديث , والمناقشات , خلال زيارتي لألمانيا ان لا احد يعبر عن حقيقة هذا الشعب كما عبر عنها شاعرهم الخالد (غوته) حيث قال:
"ليست المانيا شيئاً , لكن الالماني كثير بمفرده , وان توهم الألمان عكس ذلك"
ان الفرد الالماني اليوم يتمتع بما يشبه القداسة التي تكاد ترفعه فوق مستوى الدولة نفسها ... وهو الوضع يكاد الدستور الالماني يقرره في صراحة قاطعة اذ يجعل حرية الفرد مكفولة مضمونة , لا يحدها الا ان يحاول هذا الفرد استخدامها ضد النظام الديمقراطي , والحكم في هذه الحالة لمحكمة عليا يسمونها (المحكمة الدستورية الالمانية)
ان (مدام دي ستايل) اديبة فرنسا الخالدة وصاحبة الحول والطول في البلاط الفرنسي وفي السياسة الاوربية في زمانها , جعلت في مقدمة خصائص الالمان:"متعة العمل ودقة التفكير" وقارنت بين الفرنسي والالماني مقارنة طريفة فقالت :
ان الفرنسي يعرف كيف يتكلم ولو لم تكن لديه ادنى فكرة من الافكار.. بينما الالماني على العكس من ذلك : ففي ذهنه دائما شئ اكثر مما يستطيع التعبير عنه.
واشمل من هذه المقارنة , ماقاله الفيلسوف الاسباني (مادرياجا) من ان :
وهذا التشبيه الالماني بالنهر يرمز الى طبيعة الحركة والانتقال من حال الى حال , اي ان الالماني لايقف عند ماهو كائن من احواله بل يتجه الى ماسيكون , بل هو قلق مضطرب , لايقنع ابدا بما وصل اليه بل يمضي سائراً في طريقه الى الجديد.